بسم الله الرحمان الرحيم
وصل الله على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم ،اما بعد . الامتحانات الإلهية هي إمتحانات حقيقية وهي لا تحابي أحدا ،وليست كبعض التصورات التي توجد في مخيلات بعض المسلمين عنها بحيث يظن الكثير، أن الامتحان إذا نزل بالعبد فإن اسئلته ستكون واضحة وتنتهي بين عشية وضحاها ، ويستطيع المسلم التعرف عليها والإجابة عنها إجابة موفقة كما يحدث في الفصل الدراسي . فهذا غير صحيح لأن الامتحانات الإلهية تأتي على هيئة وقائع وأحداث لتسألك ، وتريد جوابا بأفعالك واقوالك وثباتك . يسألك الفقر هل انت راضي عن الله ؟وينتظر اجابتك على أرض الواقع ،والجواب الصحيح يحتاج لسنوات من الرضى والصبر وتسألك المتبرجات في الشوراع ،هل تستطيع غض بصرك ؟ والجواب الصحيح يريد منك كثير من المجاهدة في هذه المواقف وغيرها، وذلك مستمر عبر طول عمرك وتسألك المعاملات و البنوك الربوية وهي عارضة عليك إشهارتها المزينة والمزخرفة تخفي داخلها حرب الله ورسوله عليك اذا اقترفتها،وتريد منك جوابا حازما وهو أن تختار الامان ،لأن آكل الربى مُحارب من الله ورسوله حتى يتوب. ويسألك الغنى قائلا هل ستؤدي حق الله فيا أنا مليارات الدولارات بحوزتك و هناك زكاة وهناك فقراء ومشاريع الدعوة إلى الله ومشاريع دعم لأبناء المسلمين الفقراء ،وفي المقابل هناك استثمار ماسوني في كرة القدم في اللاعبين والمغنينن في باب اللهو والفوحش لإلهاء الأمة عن دينها....فماذا تختار ؟؟ والسؤال يريد منك جوابا عقلانيا يستثمر ماله في الدعوة إلى الله ،وإطعام الفقراء، وتزويج الشباب وغير ذلك من الأعمال التي تستثمر مال العبد في بناء دنياه واخرته وكذلك تسألك شبهات الملحدين وتشكيكاتهم بفلسفتها الهمجية التي قتلت شرع الله بأفكارها النتنة، وتوجت عقلها فألبسته تاج الحكم، وجعلته قاضيا وحاكما على الشرع ،تسألك وتريد منك جوابا عقلانيا لا شرعيا . وانت عليك أن تجيب الجواب الصحيح. قائلا ،العقل بالنقل ، والنقل في الشرع فرع . أي لا كلام للعقل في مسلمات الدين الا إذا نقل من الشرع ... قلت وهكذا مثل هذه العينات من الاسئلة الإمتحانية الإلهية التي تعرض على العبد بطريقة لا يحس بها العبد على أنها إمتحان، ويُجيب في أغلب الأوقات بالخطأ بإقترافها . وهذا واضح في حديث الاقرع والابرص والأعمى الذين، ارسل الله لهم ملكا متشكلا بهيئة انسان ليختبرهم ودام الاختبار أربعين عاما كما جاء في تفسير الحديث، حتى نسوا حالهم الاول ،كيف كانوا فقراء ومرضى وأغناهم الله وبعد ذلك جاء الامتحان النهائي ولم يفز فيهم الا واحدا من ثلاثة . عَنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه أنَّه سمِعَ النَّبيَّ صلَّي اللهُ عليه وسلَّم يقول: «إنَّ ثلاثةً مِن بني إِسرائيلَ: أبْرَصَ، وأقْرَعَ، وأعْمَي، أرَادَ اللهُ أنْ يَبْتلِيَهم، فبعث إليهم مَلَكًا، فأتى الأبْرصَ فقال: أيُّ شيءٍ أحبُّ إليك؟ قال: لَونٌ حسَنٌ، وجِلدٌ حسَنٌ، ويَذْهبَ عنِّي الذي قد قَذِرني النَّاسُ. فمسَحه، فذهب عنه قَذَره، وأُعْطيَ لوْنًا حسَنًا. قال: فأيُّ المالِ أحبُّ إليْكَ؟ قال: الإبلُ - أو قال: البقرُ. شكَّ الرّاوي - فأُعْطيَ ناقةً عُشراء، فقال: بارَكَ اللهُ لك فِيها. فأَتَى الأقْرَعَ، فقال: أيُّ شَيءٍ أحبُّ إليك؟ قال: شَعْرٌ حسَنٌ، ويذَهبُ عنِّي هذا الذي قَذِرني النّاسُ، فَمَسَحَه، فذهب عنه، وأُعْطيَ شَعْرًا حسَنًا. قال: فأيُّ المالِ أحبُّ إليك؟ قال: البَقَرُ، فأُعْطيَ بقرةً حاملًا، وقال: بَارَك اللهُ لَكَ فيها. فأَتَى الأعْمَى فقال: أيُّ شيءٍ أحبُّ إِليْك؟ قال: أنْ يَرُدَّ اللهُ إلىَّ بصري فأبْصرَ النَّاسَ. فمسَحَه. فرَدَّ اللهُ إليه بصرَه. قال: فأيُّ المالِ أحبُّ إليك؟ قال: الغَنمُ، فأُعْطيَ شاةً والدًا. فأنتج هذانِ، وولَّدَ هذا، فكان لهذا وادٍ من الإبلِ، ولهذا وادٍ من البقرِ، ولهذا وادٍ من الغنَمِ ثمَّ إنَّه أتَى الأبْرصَ في صورتِه وهيئتِه، فقال: رَجلٌ مسْكينٌ قد انقطعتْ بي الحبالُ في سَفري، فلا بلاغَ لي اليوم إلَّا باللِه ثمَّ بك، أسألُك بالَّذي أعطاك اللَّونَ الحسَنَ والجلد الحسن والمال بعيرًا أتبَلَّغُ به في سَفري. فقال: الحقوقُ كثيرةٌ. فقال: كأَنِّي أعرفُك، ألم تكُنْ أبرصَ يَقْذَرك النّاسُ، فقيرًا فأعطاك الله؟! فقال: إنَّما ورثتُ هذا المالَ كابرًا عن كابرٍ، فقال: إنْ كنتَ كاذبًا في دَعْواك فصَيَّرك اللهُ إلى ما كنتَ. وأتى الأقْرعَ في صورَتِه وهيئتِه، فقال له مثلَ ما قال لهذا، ورَدَّ عليه مثل ما رَدَّ هذا، فقال: إنْ كُنْتَ كاذبًا فصَيَّرك اللهُ إلى ما كُنْتَ. وأتى الأَعْمَى في صورَتِه وهيْئتِه، فقال: رَجلٌ مِسْكين ٌوابنُ سبيلٍ، انقطعتْ بي الحِبالُ في سَفري، فلا بلاغَ لي اليومَ إلَّا باللهِ ثمَّ بك، أسألُك بالذي ردَّ عليك بصَرَك، شاةً أتبلَّغُ بها في سَفري. فقال: قد كنتُ أعْمَي فرَدَّ اللهُ لي بصري، فخُذْ ما شِئتَ ودَعْ ما شِئتَ، فواللهِ لا أجْهَدُك اليومَ بشيءٍ أخَذْتَه للهِ عزَّ وجلَّ. فقال: أمْسِك مالَكَ فإنَّما ابْتُليتُم، فقد رضْيَ عنْك، وسَخِطَ على صاحبيكَ». متَّفقٌ عليه.