العلماء والحمل الثقيل

 


بسم الله الرحمان الرحيم

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا أما بعد : لاتحقرون من المعروف شيئا ، رُب كلمة ربطت على قلب صاحبها وإستأسد بها واستيقظ ورب سكوت أمّن ظالما واستقوى به وطغى . العلماء والحمل الثقيل {يقول النبي صلى الله عليه وسلم إن العلماء ورثة الأنبياء وإن الانبياء لم يورثوا دينار ولا درهما وانما ورثوا العلم فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر .} ويقول الله تعالى( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أتوا الكتاب لتبيننه لناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون ) الله تعالى يأمر أهل الكتاب الذين منحهم ورث الانبياء أن يبلغوه ولا يكتمونه خوفا من سلطان أو تملقا له، أو طمعا في دنيا زائلة، أو لهوىً متبع أو لحسب ونسب يرجى رضاه ،وهذا في كل زمان ، بسبب أن صدع العلماء بالحق و تبليغه هو حراسة للوحي الذي أراده الله أن يسود ويُحفظ ، ومتى جبن العلماء وآثاروا العاجلة عن الآخرة ، طمع الأمراء، و أفسحوا المجال لقطاع الطرق ، من لصوص الآيات المحكمات ،والأحاديث الثابثات من الزائغة قلوبهم ، الذين يتبعون ما تشابه منه إبتغاء الفتنة وإبتغاء تأويله ، وسكوت العلماء عن الحق هو زللهم ، إذا ثبت العالم، ثبثت معه الامة ،واذا زل العالم زلت معه الأمة و بدأت عرى الوحي تنقض عروة عروة فكيف إذا كنا في زمن استطاع فيه الطواغيت انداد الله تعالى، أن يجدوا لهم علماء مفصلين لفتوى على مقاس هواهم ، جاهزة عند الطلب فأُجروا على ذلك بارصدة بنكية ، ومنازل مِلكية واضفوا عليهم الشرعية، واشهروهم في المنتديات العلمية ،جزاءا وفاقا ، لكن نفاقا شقاقا . ألا يجد الله علماء ربانين يقدّمون أرواحهم فداء لله، وتبيانا للحق الصعب الذي يخشاه آلهة العصر؟ أيخاف العالم الرباني من بطش المحرفين للوحي والله تعالى يقول ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ،والله يعصمك من الناس )؟ كيف يخاف العالم وهو يقرأ والله يعصمك من الناس ) ؟كيف يخشى العالم على رزقه ورزق أولاده والله تعالى يقول (وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله )؟ إن هذا العلم لا يأخذ بغرض التباهي، أو لغرض الجرح والتعديل أو ليماري به السفهاء، وإنما العلم للعمل، وهو حجة لك أو عليك، ومن العمل بالعلم ، أن تأتي لحظات فاصلة، وأزمنة فارقة بين الحق والباطل لا ينبغي فيها أن يُكتم هذا العلم ابدا حيث أنه إذا كتمه أهله غاب الحق عن عامة الناس وظنوا أن الباطل المروج والمزخرف هو الحق وقد يموت بعضهم على ذلك الباطل ويسأل عنه العالم قال الله تعالى (فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ولنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ) قلت وعند ذلك سيكون لا قيمة لِعلْم ذلك العالم الذي ضرب في سبب تحصيل علمه ، اكباد الإبل ، وفي اخر مطاف نقض غزله وكتم علمه بلجام الخوف والتهديد الذي تلقاه من اهل البطش و التنديد، ويكون هذا الخوف معلنا أن هذا العالِم لم يكن عالما بحق ، لأنه لم يؤمن أن الله سيعصمه من الناس ، ولم يأتمر لأمر الله الذي قال أتخشونهم فالله احق ان تخشوه إن كنتم مؤمنين ) ولم يحس بعظمة المسؤلية الملقاة على عاتقه . فوسام العلم الحقيقي الذي يُوشح به العالم ليس وقت انتهاء تحقيق الكتب وتأليفها والنجاح في دوراتها التدريسية وانما الوسام الحقيقي يتوشحه العالم بنفسه وهذا يكون عندما يثبت على قول الحق في الوقت الذي يريد أهل الباطل أن يغيروا ويبدلوا في دين الله ،تغيرا يؤثر على مسار الأمة، فإذا ثبت العالم على قول الحق فقد وشح هذا العالم نفسه بنفسه ، حتى لو حرمه أهل زمانه من وسامه،واعطوه للمغنين والراقصين واللاعبين...و اهم شيء في هذا التوشيح أن تبصم بصمتك في ملف قضى الله فيه النصر للمؤمنين ولو بعد حين حتى ولو لم تعطِي بصمتك النتيجة على الأرض ،لأن دين الله غالب بك أو بغيرك ،يقول الله (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون )ويقول ايضا (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ) فإستغل مقامك ، قبل أن تفقد عند الله مكانك . اعرف أن هذا الكلام صعب على الذين يعبدون الرجال مع الله وهذا ليس بغريب ولا عجيب، نعم!! لقد مر أناس في زمان كانوا يعبدون فيه الرجال ،ولا زال ،و هم الذين أشار الله إليهم في قوله( إتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا ومن دون الله والمسيح ابن مريم ) قال ...يارسول الله إنا كنا لا نعبدهم قال الم يكونوا يحلوا لكم الحرام ويحرموا عليكم الحلال فتتبعوهم ؟؟ قال نعم ، قال فتلك عبادتكم إياهم . واليوم تحليل ما حرم الله عند بعض الحكام يبدأ بفتوى الرجال المشار إليهم بالبنان ألا فليعلم كل متبع وطائع ومدافع عن الرجال الذين يطوفون ببيت الطواغيت ويرضونهم بفتوى مفصلة على مقاس هواهم التي يعطل فيها حكم الله ، أنهم يعبدون الرجال علموا ام جهلوا . العلماء الحققيون كانوا إذا سكتوا عن حق لسبب معتبر ، بال احدم الدم ، خوفا من الله العلماء الحققيون كانوا إذا رأوا الظالم في موكبه تصورا عظمة الله في عليائه، فيظهر لهم ذلك الظالم كالهر ، الموعظة الحسنة القريبة الان مغلوقة أبوابها ومححوبة أصواتها ، إلا من لمن دخل مداهنا وقد يخاف احيانا الراهب، اقصد العالم ،فيذكّره الغلام فيتذكر ويقول له يا بني إنك اليوم افضل مني ، ولا يقول له علمته الرماية فرماني ،لأن الدين النصيحة ، ونحن اليوم في يوم الزلازل ،فزلزلوا الباطل بالحق لعل الله يرضى فترضى الأرض وتسكن أما سكوت المصلحة فالرابح فيها هو آلهة العصر المصلحة هي أن يعرف العامة العقيدة الحق ،حتى ولو لم تطبق ، إذا جاء أجلهم ماتوا عليها ، ويعرفوا الباطل ، حتى ولو هلك العالم لأن للإصطفاء ضريبة . قال النبي صلى الله عليه وسلم خير الشهداء حمزة ابن عبد المطلب ورجل قام الى سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله ،فذلك خير الشهداء . من داهن العلماء فقد خانهم ، قال ابابكر رضي الله عنه خاطبا في الناس عندما تولى الخلافة ، إذا رأيتم مني إعوجاجا فقوموني ... احترام العلماء تربية واجبة وقد تسقط إذا اخلد العالم إلى الأرض واتبع هواه ونصيحتهم فرض لا يسقط ولا خيرا في قوم لايتناصحون، ولاخير في قوم لايقبلون النصيحة .
تعليقات