ماذا تعرف عن عدوا بين احشائك


 ماذا تعرف عن عدو بين أحشائك

بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على نبينا وآله وسلم. أما بعد . إن أعظم المعارك التي يمكن أن يخوضها الإنسان هي معارك النفس البشرية وقد أخبرنا الله تعالى أن من صفاتها الأمر بالسوء كما قال في كتابه العزيز ((وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء الا ما رحم ربي )) فالنفس البشرية هي عدوا خطير وشرس لا يمكن أن تتنازل عن مكتسباتها التي اكتسبتها عندما كان صاحبها، مبتعد عن الله وغارق في بحر الهوى والشهوات، بسبب أخطاء التربية التي قد يرتكبها بعض الوالدين مع ابنائهم وكذلك المجتمع الذي يغلب عليه الفساد بسبب خيانة امانة الرعية ، والتي يتشارك فيها الوالدين والإمام التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث لعبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما (ألا كلكم راعٍ،، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته) وقد يستغرب البعض أننا ربطنا علاقة النفس بالرعية. وهنا نقول ، إنه لا يوجد غرابة ما دام الوالدين مسؤولين عن توجيه الأبناء في وقت كونهم صفحة بيضاء ، فتوجيههم السليم لابنائهم المبني على تعاليم الإسلام الذي يحث على تزكية النفس وتطهيرها، كفيل بهما أن يعطونا إبنًا باراً طاهر القلب والنفس ، و محباً الخير لناس ومساهما فيه وداع إليه ، ثم يأتي الدور على الامام ليحافظ لنا على جهدنا الذي بذلناه في تربية إبننا، بحفظ المجتمع الذي نعيش فيه من الفساد، الذي يلوث النفس ويجعل صاحبها هلوعا منوعا مريض النفس بشتى أنواع الأمراض التي تأثر على القلب روحيا، واذا استحكمت صار القلب غير سليم ،واذا مات على ذلك كان غير ضامن لنجاة يوم القيامة على وزن قوله تعالى( يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم ). ماهي عوائق الرواسب الجاهلية التي اكتسبتها النفس و لا يمكن أن تتنازل عنها بسهولة؟؟ بالنسبة للمكتسباتها ، التي اكتسبتها في وقت غفلة صاحبهاو بُعدِه عن الله ، هي كثيرة ومتعددة اولا الحسد ، ثم الكبر ، ثم سوء الظن ، و الخيلاء والسخرية ، وعدم الاعتراف ، كره الخير لناس ،، حب ذاتها بدون ضوابط ،عدم القناعة ،عدم شكر الله على الكثير، فما بالك بالقليل، أما شكر الناس فتشكر من يساعدها على الضلال فقط. من مكتسباتها كذلك في الأعمال، الكسل ، التثاقل عن أعمال الخير، مثل الصلاةو الصوم و قراءة القرآن و الصدقة و الزكاة و تقديم المعروف والخير للخلق الإتهام والتنقص والسخرية بمن يقوم بالخير بسبب عدم قدرتها يعني النفس ،أن تقوم بمثله فتهجم على الذي يقوم به، بما ذكرنا، كتبرير منها لترتاح نفسيا، كذلك الانحراف الشهواني الجنسي ، هذه بعض المكتسبات التي إكتسبتها النفس وكل هذا أصله خيانة الأمانة التي فرط فيها الامام والوالدين اللَذين هم بدورهم ضحية المجتمع والذي هو بدوره ضحية للمؤامرة الإبليسية الممنهجة من طرف شياطين الانس والجن لتجهيل الأمة وتفقيرها وهذا أخبرنا عنه ربنا في كتابه في قوله (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا) فالحرب على النفوس لاتتوقف ،وقتلها وهي حية كقتلها عند موتها، وكم من نفس ماتت وصاحبها يمشي على الارض. أما الشيء الذي لا يمكن الانتصار على النفس بدونه هو المجاهدة، قال الله تعالى (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) . حتى ولو فرط الوالدين وفرط الامام فنحن مسؤلون أمام الله على مانقدر عليه في مجاهدة نفوسنا إذا لم يربني الوالدين التربية الكافية فعند بلوغي يتحتم علية أن اربي نفسي فلا عذر لي أمام الله واذا لم يحكّم الامام شرع الله في المرأة مثلا كقياس، وخرجت متبرجة فلاعذر لي في أن اجاهد نفسي بغض البصر ، والصعاب التي سأواجهها سيسأل عنه الامام، وهكذا ماهو الأمر الذي يساعدنا على جهاد النفس ؟ اظن أن أهم أمر للمساعدة على ذلك هو الإيمان بالله فمن آمن بما جاء في القرآن والسنة حق الايمان سيسعى لجهاد نفسه ولابد ، إذا وقر الايمان في القلب وتمكن نازع النفس في ماتريد ووقف في طريق انحرافها وهددها بما امنت به ، إلا إذا كان من معشر من امن بلسانه ولم يؤمن بقلبه. قلت ، سيهدد الايمان النفس قائلا انت امنت والله يقول قد أفلح من زكها وقد خاب من دسها وانحرافك هذا ،ما أراه إلا انك دخلت في قوله تعالى وقد خاب من دسها ومن شروط النجاة يوم القيامة سلامة القلب قال الله تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى بقلب سليم) فهل انت مستعدة بجسمك النحيل هذا أن تصبري على النار و سلاسلها التي ذكر عنها صلى الله عليه وسلم أن حَلَقة واحدة من سلاسلها كافية أن تفسد على أهل الأرض معايشهم من شدت نتنها وخبثها، فكيف لجسدك النحيل أن يتسلسل بها وتساقين إلى النار لتشربي من حميمها وتأكلي من ضريعها كالشوك وتُضربي بمطارقها وتسكني في ودينها . هذا عامل الترهيب وهو مفيد لتزكية النفس بمجاهدتها . أما العامل الثاني هو عامل الترغيب اول ترغيب هو أن الذي يجاهد نفسه لله وابتغاء مرضاته يضمن هداية الله له في كل أموره . ومن هداه ادخله جنته، ومن ادخل جنته فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور . وابشرك في قضية جهاد النفس رغم أن جهاد النفس قد يستغرق مراحل لتسموا بها ،الا انك اذا خطوت خطوة صادقة إلى الله في المجاهدة قد تحرق كل المراحل وتتربع على عرش تزكيتها وهذا سهل عندما تحس انك تبذل ذلك للذي خلقك وسواك وشق سمعك وبصرك وجعلك من المسلمين فغيرك مع تقدمهم ودارساتهم، منهم من يعبد البقر والفئران .اللهم إن نشكرك على نعمة الاسلام ونسألك أن تميتنا عليه ثابتين فائزين بالفردوس الاعلى امين .
تعليقات